إعادة اكتساب قوة الشخصية

نحن نرغب في امتلاك القوة بدرجات مختلفة سواء كنَّا نسميها "القوة" أم "السيطرة" أم أي شيء آخر، وسواء كانت سلطة على أنفسنا أم على الآخرين أم كانت قوة لفعل الخير أو لفعل الشر، أم القوة على الإبداع، أم القدرة على التدمير وما إلى ذلك.



"تؤدي السلطة إلى الفساد، وتؤدي السلطة المطلقة إلى فساد مطلق"، المؤرخ "لورد أكتون" (Lord Acton).

"على الحاكم الجديد أن يضرب بيد من حديد حتى يضمن بقاءه في السلطة من البداية"، الفيلسوف "نيكولو مكيافيلي" (Niccolo Machiavelli).

توجد قوة أساسية واحدة يفتقدها معظمنا، ونحتاج إلى امتلاك مزيد منها في النهاية، وذلك على الرغم من كل هذا الاهتمام بفكرة القوة.

"من يسيطر على الآخرين قد يكون قوياً، لكن من يتقن السيطرة على نفسه فهو أقوى"، الفيلسوف الصيني "لاو تزه" (Lao Tzu).

"الأقوى هو من يملك سلطة على نفسه"، الفيلسوف "سينيكا" (Seneca).

القوة الشخصية للفرد:

تتعلق قوتك الشخصية بطريقة قدرتك على استخدام أدوات وعيك، وهي:

1. التفكير:

يتضمن المعتقدات، والقرارات، والتوقعات، والقيم، وما إلى ذلك.

2. العواطف:

هي مشاعر داخلية مع تسميات معرفية؛ لذا يمكننا أن نشعر بشعور ما في الجسد ونطلق عليه اسم الغضب والفرح وما إلى ذلك، ولكن يمكن أن تكون لدينا مشاعر ما وراء معرفية ليس لها مكان محدد، مثل تقدير الذات، والمبادرة، والشجاعة، وغير ذلك.

3. التحدث:

يتضمن ذلك الكلمات والأصوات غير اللفظية التي تخرج من أفواهنا.

4. السلوك:

مسؤوليتك وسيطرتك على جسدك وأفعالك والمهارات الحركية، وما إلى ذلك.

إذا كنت تشعر بأنَّك لا تمتلك أدوات الوعي هذه، وبأنَّك غير قادر على السيطرة على نفسك، وبأنَّ الآخرين يحاولون السيطرة عليك، فإنَّك تفتقر إلى الإدراك بأنَّ قوتك الشخصية هي قوتك الخاصة، والحقيقة هي أنَّك لا تفتقر أبداً إلى القوة الشخصية أنت ببساطة تفتقر إلى الوعي بأنَّها ملكك بالفعل، وبأنَّها تحت سيطرتك.

تستخدم كل يوم أدوات الوعي السابقة للنهوض والذهاب إلى العمل والتحدث إلى الأصدقاء، والنقاش مع الناس، وتناول العشاء، وأنت تفكر فيما ستفعله، وما الذي لن تفعله؛ لذلك انتبه إلى مشاعرك، وتنفَّس بعمق، فأنت تستخدم بالفعل ما تعتقد أنَّك لا تملكه.

إذاً لا تكمن المشكلة في عدم امتلاك القوة؛ وإنَّما في الشعور بأنَّك لا تمتلكها في أوقات معينة، وفي أماكن معينة، وغالباً ما ينحرف انتباهنا؛ بسبب معتقداتنا عن الأمور التي يمكننا فعلها والأمور التي لا يمكننا فعلها، وبسبب قوة ردود أفعالنا تجاه ردود أفعال الآخرين.

شاهد بالفديو: صفات الشخصية الودية وكيفية التعامل معها

ما الذي يسبب ردود الفعل هذه؟

إنَّ السبب الأساسي للشعور بالعجز هو الشعور بعدم الجدارة كأشخاص، والشعور بعدم القدرة على التعامل مع ما نواجهه في الحياة، فعندما نشعر بأنَّنا غير جديرين، وبأنَّنا سيئون ولا نملك الحق في الوجود، فليس هناك ألم أكبر من ذلك.

ربما نقضي وقتنا في القلق بشأن ما يعتقده الآخرون، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّنا نقلق بشأن ما نفكر فيه عن أنفسنا، ونحن نمارس القوة التي نعتقد أنَّنا نتمتع بها لحماية أنفسنا من أنفسنا، وممَّا يعتقده الآخرون عنَّا.

عندما لا تكون قلقاً بشأن ذلك، يمكنك التركيز على الجزء التالي وهو استخدام أدوات وعيك، فتقول عالمة النفس "سوزان جيفرز" (Susan Jeffers)، مؤلفة كتاب "اشعر بالخوف وافعل ذلك على أيِّ حال" (Feel the Fear and Do It Anyway): "إنَّ الخوف الأول لدينا، هو الخوف من عدم القدرة على التأقلم".

تُعلِّمنا البرمجة اللغوية العصبية فكرة عامة بأنَّنا نمتلك جميعاً الموارد التي نحتاجها للقيام بما نريده؛ لذلك نحن نمتلك القوة الذهنية والعضلية والصوت، والتصور الذهني لإعادة التأكيد على أنَّنا مسيطرون على أنفسنا.

تتضمن القوة الشخصية اعتماد هذا الافتراض، وممارسة ضبط النفس، وتحمل المسؤولية عن قدرتك على الاستجابة، وتحمل مسؤولية نفسك وعلاقاتك مع الآخرين، ويبدأ كل هذا مع إعادة الاعتراف بملكية أدوات الوعي التي وهبنا إياها الله.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح فعّالة للتخلص من ضعف الشخصية

كيف يمكننا القيام بذلك؟

"شخص واحد لديه اعتقاد يساوي قوة مكونة من 99 شخصاً لديهم اهتمامات فقط"، الفيلسوف "جون ستيوارت ميل" (John Stuart Mill).

شعورك هو ملكك، وما هو ملكك لا يستطيع أحد أن يسلبك إيَّاه؛ لذا تخيل هذا الشعور بقوة عن أفكارك، أو تخيل وقتاً كنت فيه على وشك أن تقول شيئاً قاسياً لنفسك ولكنَّك توقفت وفكرت وقررت أن تقول شيئاً مختلفاً، فهذا مثال على استخدام قوتك الشخصية.

يوجد عدد كبير من الأسباب المختلفة التي تجعل الناس لا يشعرون بالقوة الشخصية، وغالباً ما يأتي سبب عدم شعورنا بالاحترام والسيطرة من العوامل التي ترتبط بتربيتنا، وعدم وجود تحفيز إيجابي من الوالدين، وما إلى ذلك.

تحدَّ الشعور بالعجز، واشعر بالغضب، وحاول التغيُّر، أو اطلب من شخص آخر مساعدتك على القيام بذلك، وإذا كنت تريد تغيير أي جزء من العالم حولك، فغيِّر نفسك أولاً.

في الختام:

القوة الشخصية هي القدرة على استخدام أدوات وعيك للتحكم في أفكارك وعواطفك وسلوكك. فعندما تشعر بقوتك الشخصية، تكون قادراً على اتخاذ قرارات حاسمة لتحقيق أهدافك، ومواجهة التحديات، وبناء علاقات صحية.




مقالات مرتبطة